تتوقع محللة سياسية أميركية أن تكون الفترة المقبلة التي تعقب انسحاب القوات الأميركية من المدن، حاسمة بالنسبة لعموم العراقيين. وبرأيها أن الأميركان مشغولون بإيران، وأن الشارع العراقي ينتظر ظهور (الرجل القوي) لكنه سينقلب على حكومة الائتلاف الكارتونية التي يقودها (المالكي) إذا لم توفق في الحفاظ على الأمن أو إذا استمر غياب الخدمات. وترى أن الكثيرين يحاولون الآن استثمار الانسحاب الأميركي لصالح أجنداتهم الخاصة. ومن جانب آخر تركز المحللة على أهمية المخاوف مما سيحدث في العراق، مؤكدة أن قبائل الأنبار نفسها أكدت ذلك، ولهذا فإنها سترخي الحبل لمن يحكم العراق بقوة. وتتساءل المحللة السياسية الأميركية المعروفة (ترودي روبين) قائلة: ((ما الذي سيحدث في العراق خلال الفترة المقبلة)). وتجيب عن هذا التساؤل بتأكيدها أن الأميركان مشغولون الآن بـ(دراما الأحداث الإيرانية). وتقول: يبدو أننا وصلنا في نقطة الانعطاف الحاسمة الى العراق. لقد أنهت الولايات المتحدة سحب قواتها المقاتلة –باستثناءات قليلة- من المدن العراقية الأسبوع الماضي، تطابقاً مع ما نصت عليه الاتفاقية الأمنية التي وقعت مع العراقيين في شهر تشرين الثاني الماضي مع ملاحظة أن ((جميع القوات الأميركية يفترض أن تسحب من العراق مع نهاية سنة 2011)). وتضيف روبين قولها: أثناء رحلتي الأخيرة إلى العراق في كانون الأول الماضي، كان صعباً عليّ تصور أن مثل ذلك التحول كبير الحجم بالقياس الى عدد الجنود معداتهم يمكن أن يكتمل في مثل هذه الفترة القصيرة. ولكن على أية حال، كما قال لي الجنرال (ديفيد بيتريوس) في مقابلة خاصة، فإنّ ((عملية إزالة قواعد قواتنا من المدن في طريقها الى الاكتمال، وسوف نلتزم بالموعد المحدد في الاتفاقية)). ومثل هذا الشيء –تؤكد روبين- شيء رائع ومؤثر!. وبشكل واضح –تقول روبين- فإن العديد من اللاعبين العراقيين سوف يحاولون استخدام الانسحاب لصالح (أجنداتهم الخاصة). وعلى سبيل المثال فإن (نوري المالكي) رئيس وزراء العراق –الذي يركز عينيه على انتخابات سنة 2010 البرلمانية- سمّى الانسحاب الأميركي بأنه (نصر عظيم) ضد الاحتلال. وآخرون يأملون في استئناف الحرب الأهلية. وتشير المحللة السياسية الأميركية بذلك إلى موجة من التفجيرات القاتلة في الأحياء السكنية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص، وتفجير السيارات المفخخة في المدينة الشمالية كركوك، والذي أدى الى مقتل نحو 82 شخصاً. ((إن العنف عموماً، مازال في حالة انخفاض، لكنّ هذه التفجيرات تثير في الذاكرة الشعبية مخاوف كبيرة من اندلاع فتنة طائفية يمكن أن تتسبب في كوارث جديدة، وتعيد العراقيين الى المربع الأول)). ولهذا –تقول روبين- فإن السؤال الكبير الذي يفرض نفسه: ما الذي يحدث الآن؟. وفي حديث هاتفي جرى مع العديد من العراقيين، قال كل منهم إن الانسحاب سيثير موجات (عنف) جديدة. والعديد من المجموعات الغامضة –من تلك التي انشقت عن القاعدة وعن الوكلاء الإيرانيين أو المجموعات التي توصف في البلد بالمافيات- سوف تختبر قدرات القوات الأمنية العراقية للتأكد من مديات تحملها لمسؤولية الأمن في البلد. ويقول الجنرال (بيتريوس) رئيس القيادة المركزية للقوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط والذي يشرف على الحربين في العراق وأفغانستان: ((كنا قلقين من فاعلية الهجمات الكبيرة التي نفذها أولئك الذين يسعون إلى إحياء العنف الطائفي)). وتؤكد روبين أن ما هو حسن حتى الآن أن موجات العنف التي حدثت باتت عاجزة عن إثارة حرب طائفية. وتوكد روبين بان الشرطة في العراق تعاني من الفساد ..وهي "منحوسة" بحسب تعبير روبين. وتشير إلى أن المسؤولين الأميركيين يأملون بقدرة الزعماء السياسيين في العراق على ضرب كل القوى التي تحاول النهوض في تجربة حظها لإشاعة العنف الطائفي في البلد، أو إشاعة العنف الإثني بين الأكراد وبين العرب في شمال العراق