دمشق - ألقت الأزمة السياسية بين دمشق وبغداد بظلالها على مئات آلاف اللاجئين العراقيين في سوريا. فبينما يستبعد عدد كبير منهم إقدام السلطات السورية على ترحيلهم أو تسليم بعضهم، يؤكد آخرون أنهم يشعرون بحرج تجاه المجتمع السوري من حجم الحملة التي تقودها الحكومة العراقية ضد دمشق.ويزيد عدد العراقيين في سوريا عن 1.2 مليون لاجئ يتوزعون على المدن الكبرى مع تركز واضح في دمشق وضواحيها. وتقدم الحكومة السورية للعراقيين سهيلات في التعليم الحكومي والخدمات الصحية. ويغلب على العراقيين الموجودين في سوريا معارضة الاحتلال الأميركي والعملية السياسية التي أفرزها.وينفي الباحث الشيخ عادل الأنصاري وجود أي قلق لدى العراقيين على اختلاف انتماءاتهم من إمكانية تضييق السلطات السورية عليهم. ويتابع أن "القيادة السورية لم يسبق لها أن سلمت أحدا من المعارضين العراقيين في العهد العراقي السابق ودعم الدول العربية والغربية له خلال الثمانينيات".وأوضح الأنصاري أن عددا كبيرا من المسؤولين العراقيين الحاليين -بمن فيهم رئيس الحكومة نوري المالكي- كانوا مقيمين بدمشق ولم تسلمهم سوريا أو تطردهم من أراضيها. وأكد الأنصاري أن الأزمة الحالية ورقة انتخابية يستخدمها المالكي وفريقه لتحسين موقعه بالانتخابات المقررة مطلع العام. بدوره يلفت محمد الدليمي، وهو بعثي سابق، إلى حالة الحرج التي يعيشها العراقي في المجتمع السوري جراء حملة المالكي التي وصلت إلى مجلس الأمن الدولي. "نشعر بحالة خجل من ذلك التصرف باعتبارنا بتنا ضمن نسيج المجتمع السوري، ما يصيبهم يصيبنا والعكس صحيح.
ونفى الدليمي وجود أي تغيير في الإجراءات السورية تجاه العراقيين في داخل سوريا أو على المعابر الحدودية، مؤكدا أن الحركة على الحدود طبيعية جدا للأفراد والحافلات.وكانت معلومات عراقية تحدثت عن زيادة عدد أفراد الشرطة على طول الحدود فيما سرت تكهنات بتراجع دخول العراقيين إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة قبل نحو ثلاثة أسابيع.أما الكاتب مرتجى الكعبي فيرى أن رئيس الحكومة الكارتونية نوري المالكي رتكب خطأ سياسيا فادحا بإلقاء التهم على سوريا باحتضان منفذي تفجيرات الأربعاء الدامي التي أودت بنحو 95 عراقيا.وتابع المالكي ينفذ أجندة خارجية تريد التضييق على الدور العربي الذي ترفعه سوريا في العراق. ورأى أن المالكي نجح داخليا بالتخلص من عدد كبير من الضباط بالسجن أو التسريح على خلفية التفجيرات، كما أنه يحاول تحسين شعبيته بعد استبعاده من الائتلاف الذي يضم المجلس الأعلى والتيار الصدري مما يعني إنهاء أي فرصة للمالكي للعودة إلى رئاسة الحكومة المقبلة. في المقابل ينشغل السواد الأعظم من العراقيين بتأمين قوت يومهم ومعيشتهم اليومية دون الاكتراث كثيرا بما يجري. وتقول سارة.س (30 عاما) إن عائلتها المكونة من خمسة أشخاص مشغولة كالكثير من العراقيين بتوفير حاجياتها اليومية دون أن تؤثر عليهم أنباء الأزمة بين العراق وسوريا. وتضيف سارة التي تعمل في شركة تجارية بدمشق أن العودة إلى العراق مستحيلة، مستبعدة أن تقوم بإجراءات تؤدي إلى مغادرة العراقيين إلى بلادهم في ظل الأوضاع الحالية في بلادها.بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي ظافر الجنابي أن معظم العراقيين في سوريا بعيدون عن السياسة وجاؤوا بحثا عن الأمان المفقود في بلادهم. وأضاف الجنابي للجزيرة نت أن اللاجئ العراقي لديه مخاوف بالتأكيد من تفاقم الأزمة، لكنه يستدرك بأن قلق العراقيين أكبر في حالة التقارب بين الحكومتين السورية والعراقية كون الحكومة العراقية تطالب باستمرار بإعادة العراقيين إلى بلادهم.